السلامُ اسمٌ من أسماء الله الحسنى، وهو اسمٌ يبث الطمأنينة والثقة في نفوس الناس. وعلى امتداد تاريخ السودان الطويل، وحتى الوصول إلى إبرام إتفاقيات السلام التي تمّ توقيعها، ظلّ الشعب السوداني يتطلع إلى تحقيق السلام عبر الوسائل التفاوضية المعهودة، وبالإستناد إلى الأعراف والمعاهدات والمواثيق الدولية.
وهذا التطلع ليس فقط دليلاً على حاجة السودان لسلام عادل وشامل بل لضمان أمن وسلامة و إستقرار البلاد منذ اتفاقيات جوزيف لاقو، إلى اتفاق الخرطوم للسلام، ومباحثات ماشاكوس، مرورًا باتفاقية نيفاشا، ثم اتفاقيات أبوجا، وأنجمينا، والدوحة، وبعض اتفاقيات السلام التي وُقّعت داخل البلاد.
كان الجميع يتابع المستجدات لمواكبة الأحداث المتعلقة بالسلام، رغم شحّ الوسائل الإعلامية آنذاك، حيث لم تكن متوفرة سوى الإذاعة، والتلفاز، والصحف اليومية، مع الإشارة إلى وجود مناطق كانت محرومة حتى من الحصول على الصحف. ومع ذلك، كانت الرغبة في تحقيق السلام حاضرة بعمق في وجدان الناس. وإذا تساَءلنا: ما الفرق بين ذلك السلام الذي كان يتمناه الجميع، وهذا السلام الذي ينفِرُ الناس منه اليوم؟ فرغم أن “السلام” في جوهره واحد، فإن الاختلاف في أطرافه، فليسوا البتة ذات الأطراف. ففي الماضي، كان أطراف الصراع يحملون مبادئ وقيمًا، وكانت الحرب تُخاض في إطار ثورة شعبية للدفاع عن البلاد ومكتسباتها وحماية أراضيها. كان الناس متعطشين لسماع خطابات زعماء الحركات التحررية، يتابعون تحركاتهم لأنها كانت تُخاطب وجدان الشعب السوداني العظيم.
أما اليوم، فالوضع مختلف تمامًا. لأنّ مليشات الدعم السريع إستهدفت في حربها الشعب السوداني النبيل، وبذلك خانت وطنها، متحالفة مع مرتزقة أجانب، يعملون وفق أجندات خارجية هدفها ضرب وحدة البلاد وتفتيت نسيجه، ونهب ثرواته. وما نراه من جرائم قتل وتشريد ونهب وتخريب للبنية التحتية، يفوق ما سُطّر عن التتار في التاريخ. لذا، فإن الإجابة على سؤال: لماذا بات الشعب السوداني يشمئز من كلمة “السلام” حين ينطق بها الساسة, ويوحي بأن الشعب قد بلغ من الصبر ما لا يُطاق، وكاد أن يختنق من غيظه على أفعال هذه المليشيا، التي ارتكبت أبشع الجرائم. إن السلام الذي يتمناه الشعب السوداني ليس سلام الطاولات والمفاوضات الشكلية، بل السلام الذي يأتي بالإستقرار والأمن، بحيث لا يخشى الإنسان في وطنه إلا الذئب على غنمه، لا مليشيا الجنجويد على حياته. وهذا السلام لا يتحقق إلا بالنهاية الأبدية لتلك المليشيا. فأينما وُجدت هذه المليشيات، وُجد معها البؤس والشقاء والإنتهاكات الجسيمة والمروعة. ولهذا، تجد الناس يفرّون من المناطق التي تحتلها مليشيات الدعم السريع، وكأنهم يفرّون من جحيم.
نرفع الأكفّ تضرّعًا: اللهم عجّل بنهاية هذه المليشيا، ليعمّ السلام، ويسود الأمان.
منصور أدم ابكر ،،،،،،،،،يكتب