الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه.

وبعد: اخوة الكرام اتقوا الله وأطيعوه، وابتدروا أمره ولا تعصوه، واعلموا أن خير دنياكم وأخراكم بتقوى الله تبارك وتعالى

﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾  ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا ﴾  ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾

عباد الله، يتملك الإنسان العجب حين يعلم أن الله جل جلاله قد أقسم على إثبات قضية من القضايا بأحد عشر قسمًا متواليًا الواحد تِلْو الآخر، فالحقيقة. أن يعتنوا عباد الله الصادقين بهذه القضية غاية العناية، فهي سبيل فلاحهم في دنياهم وأخراهم، واسمع بقلبك ثم تأمل لِمَا أقسم الله أحد عشر قسمًا، لتعلم أن القضية في غاية الأهمية، بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾

فيا لسعادة من زكَّى نفسه فأفلح! ويا لخسارة من أهملها! فتزكية النفوس هي الطريق للجنة، يقول الله جل وعلا: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41].

النفس البشرية يعتريها النقص، فهي من أشد أعداء الإنسان؛ لأنها تدعوه للطغيان وإيثار الحياة الدنيا، وسائر أمراض القلوب إنما تنشأ من جانبها؛ ولذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من شرها، فقال: “ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا”.

ولقد كان من دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم أن قال: “اللهم آتِ نفوسنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ مَنْ زكَّاها، أنت ولِيُّها ومولاها”. قول الإمام ابن القيم رحمه الله: “وقد اتفق السالكون على اختلاف طرقهم وتبايُن سلوكهم على أن النفس قاطعة بين القلب وبين الوصول إلى الربِّ جل جلاله”.ايها الاخوة الكرام تزكية النفوس أغلى المطالب وسبيل الفلاح.

بقلم/ ابوالقاسم حماد محمد